ليست هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تلفيق تهمة الاتجار بالمخدرات لمناضل بهدف النيل من رصيده النضالي وتشويه مصداقيته. فقد سبق تلفيقها للناشط الحقوقي وفي حركة المعطلين المختار بنجلون سنة 2006 بعد اختطافه في مدينة كلميم، وأيضا للمدون سقراط في مراكش، والنقابي حميد وجدي بوارزازات وغيرهم.
المسؤولون عن تدمير شباب البلد بالمخدرات وتجارة الجنس وما لا يخطر على بال من مصائب، هم الذين يحاكمون إدريس اليوم.
المناضلون الذين يصفهم قضاء الاستبداد ومؤسساته الزائفة بتجار مخدرات، هم في الحقيقة مناهضون لنظام الفساد واستبداده. لقد سخر هؤلاء المناضلون قصار جهدهم للنضال والاحتجاج منذ بدأت حركة 20 فبراير، واليوم يواجهون بأحط التهم، لتشويه سمعتهم والنيل من مصداقيتهم لدى عامة الناس. لكن الأكيد أن جرأتهم وتكاثرهم، هو ما يرعب نظام الاستبداد. لذلك يسعى جاهدا لاجتثاث من يسير في طريق اكتساب وعي أصل مصائب البلد.
التحق إدريس بوطرادة بالنضال الفبرايري في سياق الثورات الإقليمية، ودفعه الإقصاء والقمع والبؤس، على غرار مئات الشباب أمثاله، للخروج أسبوعيا في مسيرات المطالبة بالديمقراطية والحرية ومحاربة الفساد وتحسين ظروف العيش.
نشط إدريس بوطرادة في حركة 20 فبراير بالرباط، منذ انطلاقتها، ولم يغب عن أية محطة نضالية، بل كان أحد مناضلي الحركة الأكثر إبداعا، كان يكتب الشعارات والمطالب التي يبدعها في لافتات بخط يده، رافضا أية وصاية. وكثيرا ما كان يرفض أي تدخل فيما يكتب. كان حاقدا، لكن حقده موجه ضد الفساد والاستبداد، واختار لذلك الطريق الصائب، النضال والاحتجاج.
ازداد سنة 1975 و يقطن بحي العكاري الشعبي، الذي كان احد مرتكزات نضال حركة 20 فبراير بالرباط. وأسس بهذا الحي مع رفاقه لجنة العكاري ل 20 فبراير. يكسب إدريس قوت يومه بمجهوده الخاص، وعادة ما يزاول أشغال متعددة، إحداها العمل لدى بائع دجاج. وسبق لأجهزة البوليس أن باغتته في محل عمله، مقدمة عرضا بفرصة عمل، ورفض المساومة بشكل مطلق.
لم يكمل إدريس مساره الدراسي الذي توقف عند الابتدائي، لكن وعيه السياسي والنضالي أرقى.
إدريس هو أحد مبدعي المحطات النضالية القليلين، وتنوعت إبداعاته وتعددت خلال كل مسيرة حركة 20 فبراير بالرباط. قبل يومين من اختطافه شارك في احتجاج للحركة، مبدعا كعادته في التهكم على الحكم الفردي وديمقراطية الواجهة، معبرا عن ذلك رفقة رفاقه بأقنعة ولباس إبداعي.
لكل هذا اعتقل إدريس بوطرادة المعروف بـ"المقنع"، بحي العكاري الشعبي بمدينة الرباط. حي يملأه السخط من نظام فاسد ومستبد. حي احتضن نضال الحركة ودعمها ولا يزال.
اعتقل إدريس لكنه ليس وحيدا، فهناك إلى جانبه جماهير مستاءة من العربدة الأمنية التي يحاول النظام إبقاء بنيانه على أسسها.
اعتقل المقنع.. واعتقل الحاقد... لكن لا يمكن اعتقال المئات من الشباب الذين دفعتهم الثورة لاقتحام ساحة النضال.. لا يمكنه اعتقال حركة 20 فبراير.. ولا يمكنه اعتقال الثورة.
نبيل محمود