منتديات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى عالم المعرفة الشاملة في الفكر و الفنون و العلوم الموسوعية المختلفة و الثقافة العالمية
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

  الثقافة في زمن العولمة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



عدد المساهمات : 830
نقاط : 2599
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 15/02/2013

 الثقافة في زمن العولمة Empty
مُساهمةموضوع: الثقافة في زمن العولمة    الثقافة في زمن العولمة I_icon_minitimeالسبت فبراير 16, 2013 7:33 pm

هذه المداخلة تنطلق من فرضية تقول "إننا اليوم أمام ثقافة الاستهلاك". وللدلالة على ذلك، تسلك المداخل الآتية:
ـ تحديد مفهوم الثقافة – الهوية الآخر – المثاقفة – العولمة والهيمنة.
ـ وتتخذ لبسط ذلك منهجا وصفيا استقرائيا، يعرض المعطيات أولا ويستخلص النتائج ثانيا – بلا مبالغة أو تحجيم أو حسم.
1 – الثقافة؟
من أكثر المفاهيم إثارة للجدل، إذ يمكن وسمها بأنها كلمة (مائعة) تخضع لنوع الاختصاص وزاوية النظر. بدليل "أن العالمين الأنتربولوجيين الأمريكيين (كلوكهون وكوبير) قدما أزيد من (150) تعريفا للثقافة، لم يجد بينها تعريفا شاملا أو جامعا مانعا يخلو من القصور. ويعزو البعض قصور كثير من التعريفات إلى أنها لا تميز بوضوح بين المفهوم من ناحية والأشياء التي يشير إليها من ناحية أخرى"

[1].
من التعريفات التي حاولت ضبط هذا المفهوم تعريف: الدكتور الجابري القائل:
"الثقافة ذلك المركب المتجانس من الذكريات والتصورات والقيم والرموز والتعبيرات والإبداعات والتطلعات التي تحتفظ لجماعة بشرية بهويتها الحضارية، في إطار ما تعرفه من تطور بفعل ديناميتها الداخلية وقابليتها للتواصل والأخذ والعطاء. وبعبارة أخرى الثقافة هي المعبر الأصيل عن الخصوصية التاريخية لأمة من الأمم، عن نظرة هذه الأمة إلى الكون والحياة والموت والإنسان ومهامه وقدراته وحدوده وما ينبغي أن يعمل وما لا ينبغي أن يأمل"[2].
وتعريف كلاكهون –بيلز- هاري ومفاده أن:
"الثقافة هي كل مخططات الحياة التي تكونت على مدى التاريخ، بما في ذلك المخططات الضمنية والصريحة والعقلية واللاعقلية، وهي توجد في أي وقت كموجات لسلوك الناس عند الحاجة"[3].
نخلص من التعريفات السابقة إلى الاستنتاجات الآتية:
=< "الاستنتاج 1:
*في الثقافة الخاص والمشترك الإنساني.
*فيها الثابت والمتغير.
*هي التعبير الأمثل عن رؤية المجتمعات للكون.
*هي التجلي الأمثل والأوسع للحضارة.
*لها ارتباط علائقي باللغة والرمز بهما تشيد العالم كرؤية وقيمة.
*الثقافة قهر نسبي للطبيعة، إذ تزداد ثقافة الإنسان كلما تقلصت هيمنة الطبيعة عليه[4].
2 – الثقافة والهوية: يمكن تحديد العلاقة بينهما كالآتي:
بعيدا عن المعاجم العربية القديمة التي لم تعرف الهوية، وتحفظا على المعاجم العربية الحديثة التي شددت على مسألة الثبات والذات في بعدها الأول كعوامل تؤشر على تميز ثقافة ما وتساويها وتشابهها، فإن الهوية في أبعادها الأخرى هي أحاسيس وصفات ونمط حياة وسلوك يشمل كل المجالات من ملبس ومأكل وفن وفكر وسياسة واقتصاد وثقافة، تتفاعل مع المتغيرات دون أن تنمحي، قابلة للتجدد وليس للإقصاء.
2-1: الهوية والآخر: إذا استحضرنا التعريفات السابقة وتعريفات الأنتروبولوجيين الموسوعية نخلص إلى أن الثقافة استحضار للهوية دون نفي للآخر، هذا الآخر الذي ليس متماثلا أو واحدا، بل فيه المستعبد والمستبد كما أن فيه المدافع عن القيم والحرية. هذا الآخر ليس كله خير أو شر، لأنه ينتمي إلى مجتمع وحضارة لها هويتها وقيمها ونمط عيشها أي لها ثقافة خاصة. وهنا أستعير مثالين طريفين لكنهما يعبران عن الخصوصية الثقافية كأسلوب ونمط حياة وتعامل.
ـ النموذج الأول: ذكر في المعجم النقدي لعلم الاجتماع: جاء فيه: "يميل كل مجتمع إلى تشكيل كل ثقافي فريد، يمكن لمجتمعات متشابهة في درجة تطورها الاقتصادي أن تكون مختلفة عن بعضها بقوة من الناحية الثقافية، كما يؤكد الشعور العام وتثبت التجربة المباشرة. إن الألمان مختلفون ثقافيا عن الإنجليز…، وكما يلاحظ (لينتون)، إذا أوكل مسافر وصل للتو إلى أحد المرافئ النرويجية إلى حمال، مهمة قبض مبلغ معين من الصرف، فإنه يكون متأكدا تقريبا من أن الحمال سيعود إليه مع المبلغ أما في إيطاليا، فيكون متأكدا تقريبا بأنه لن يراه أبدا"[5].
ـ النموذج الثاني: هو ذلك المتمثل في سمات المفارقات والازدواجية المعبرة في الثقافة العربية، ومنها المغربية، ذلك أن العربي لا يهنأ له بال –ولو في اللحظة نفسها- وبلا ضرورة "حتى يتكلم بلسانين ويتزوج زواجين ويدخل جامعتين ويسكن مسكنين ويؤثت أتاثين، دون أن يحول هذه التجربة إلى أي مقوم يغني ثقافته، بدل تكريس الانفصام والتمزق الذي يحياه باستمرار"[6].
=< الاستنتاج 2: حينما نحدد الهوية والآخر[7] نكتشف أنهما نتاج ثقافة خاصة، لا تظهر إلا عند التقائهما وتفاعلهما إنسانيا وحضاريا.
3 – العولمة؟
هناك تعريفات كثيرة لها لكن القاسم المشترك بينها هو تأكيدها على فكرة دمج العالم في نسق واحد يشمل كل المجالات.
*إذ العولمة هي "كل المستجدات والتطورات التي تسعى بقصد أو من دون قصد إلى دمج سكان العالم في مجتمع واحد"[8].
*"العولمة اتجاه تاريخي نحو انكماش العالم وزيادة وعي الأفراد والمجتمعات بهذا الانكماش"[9].
ويمكن أن نضيف أن العولمة":
*نمط جديد لإعادة انتشار المركزية الرأسمالية.
*هي نتاج لمرحلة ما بعد الحداثة الغربية.
*لم تتشكل كمفهوم واضح إلا بعد منتصف الثمانينات.
*إذا كانت معالم العولمة في الاقتصاد والسياسة قد تشكلت، فإن ملامحها في الثقافة لم تكتمل بعد، وإن كانت إرهاصاتها آخذة في الظهور(10). ولنا في المعطيات الآتية شاهد على بعض معالمها.
1-اقتصاديا: يتمركز النشاط الاقتصادي في ثلاث مناطق كبرى هي:
*منطقة الأورو: أي الوحدة النقدية الجديدة لأوروبا.
*منطقة التجارة الحرة لدول أمريكا الشمالية المعروفة (بالنافتا): أمريكا الشمالية + كندا + المكسيك.
*في هذه المناطق الثلاث يرتكز أكثر من 80% من إجمالي الناتج القومي العالمي و85% من إجمالي التجارة العالمية.
2-إعلاميا:
*هناك ما يقارب 2000 قمر صناعي، لأمريكا الشمالية النصيب الأوفر منه –يتم من خلاله توجيه الأخبار والأحداث حسب إرادتها وبالشكل الذي تراه مناسبا لها.
*88% من معطيات الأنترنيت تبث باللغة الإنجليزية.
*75% من أجهزة الحاسوب المستفيدة من الأنترنيت تصنع بأمريكا.
*60% من البث التلفزي المشاهد في العالم منتوج أمريكي(11).
يضاف إلى ذلك أن:
*أربع وكالات أنباء عالمية فقط تهيمن على الخبر وتوجهه كما تشاء، وهي:
ـ الوكالة المشتركة للصحافة (أشوشيتدبريس) أعظم وكالة عالمية أمريكية.
ـ الوكالة المتحدة للصحافة (يونا يتدبريس) أمريكية أيضا.
ـ وكالة رويترز إنجليزية.
ـ وكالة فرانس بريس الفرنسية.
=< الاستنتاج 3: هيمنة واضحة لدول محدودة على الاقتصاد والإعلام، وتتعمق هذه الهيمنة مع انفتاح تام لأسواق الدول (المتخلفة) التي تزداد تخلفا بسبب اتساع هامش الفقر فيها، وعدم مواكبة معظم ساكنتها للتقدم التقني والمعلومات السريع الذي أصبح يكتسح كل المجالات من الاقتصاد إلى الثقافة. ويظهر ذلك جليا بالنظر إلى الجدول التالي:
حصة إفريقيا من وسائل الإعلام والاتصال(12):
وسائل الإعلام
السنة
حصة إفريقيا
إنتاج الكتب
1983
1.8%
توزيع الصحف
1982
1.5%
استهلاك ورق الصحافة
1982
0.8%
محطات البث الإذاعي
1983
4.2%
أجهزة الاستقبال التلفزي
1983
2.3%
أجهزة الاستقبال الإذاعي
1983
4.0%
المحطات التلفزية
1983
1.4%
عدد قاعات السينما
1983
1.5%
المعدل السنوي لجمهور السينما
1983
2.2%
أجهزة الهاتف
1984
1.4%
حركة البريد
1980
2.1%
نفقات الإعلاميات
1985
0.3%

=< الاستنتاج 4: وضعية مزرية في الإعلام والاتصال، تنعكس سلبا على كافة المجالات، إذ لا يمثل الناتج الداخلي الإجمالي سوى 3% من الناتج الداخلي الإجمالي العالمي، مما يكرس وضعية التخلف في كافة القطاعات، ومنها قطاع الثقافة، في عالم أصبح قائما على قوة إنتاج المعلومة والمعرفة.
ويكفي أن نعطي مثالا واحدا لقوة الإعلام في توجيه الرأي العام الغربي حين يتعلق الأمر بالإجابة عن سؤال يهم صورة العربي في أعين الغربي كيف هي؟ الجواب: إما:
" ـ إنسان مهاجر يزاحم الغربي في العمل أو الشارع أو المقهى أو السكن.
ـ إنسان ينتمي إلى منطقة البترول.
ـ إنسان إرهابي إسلامي(13)".
ولقد ترسخت هذه الصورة الأخيرة بشكل لافت للنظر خلال الفترة الحالية، في ظل الإبادة الجماعية التي يتعرض لها إخواننا في فلسطين المحتلة على يد الصهاينة الذين استعاروا المفاهيم الأمريكية المعولمة لما يسمى محاربة "الإرهاب" لتكريس المخطط الصهيوني إعلاميا بما يوازي الإبادة والجرائم الإرهابية التي تمارسها الصهيونية والإمبريالية على الأرض الفلسطينية إلى مستوى سعت فيه هذه القوى إلى قلب الحقائق فأصبحت تنعت المقاوم بالإرهابي وهذا الأخير بالساعي للسلم والمدافع عنه. وتلك هي المفارقة الكبرى لسياسة العولمة وإفرازاتها الواقعية الكارتية على أكثر من مستوى.
3-في ظل العولمة، هل نحن أمام مثاقفة أم هيمنة؟
إن المعطيات السالفة ترجح أننا أمام هيمنة وليس مثاقفة، وذلك للأسباب الآتية:
*"المثاقفة": تتطلب: كما تقول الآية الكريمة: "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا"(14) أي:
ـ فرصا وعلاقات ووسائل متكافئة.
ـ ورغبة في مد الجسور والحوار والتعارف والتعاون وكل ما من شأنه تقوية الإنسان.
ـ لكن الملاحظ أننا أمام ثقافة تنتج وأخرى تستهلك، في انبهار ودون إعمال نقد أو تقويم أو تمييز إذ الثقافة تفترض أن تترك لتنتشر طبيعيا في إطار تكاملي، غير موجه أو منمط.
ـ لو أعطيت الثقافة حرية الاقتصاد نفسها لأصبحت عالمية وليست معولمة، لأنها عبارة عن قيم وأفكار سامية، تسري بين الناس طبيعيا، وذلك هو حال الديانات السماوية غير المحرفة، تستهدف التوحيد والعدالة لا الاستغلال والعبودية كما هو حال العولمة(15).
ـ إن تاريخ الثقافة العربية نموذج (كتاب الأغاني)، وتصورات الأنتروبولوجيين الغرب مثل ستراوس في: _ الأنتروبولوجيا البنيوية Anthropologie structurale, 1964).
والعقل المتوحش: (la pensée sauvage) خير شاهد على هذا المنحى من التكامل والتفاعل للثقافة الإنسانية الشاملة.
*أما "الهيمنة" فهي سائدة واقعا، ولها مظاهر كثيرة ومتنوعة، منها:
ـ الأزمة الأخلاقية [ويكفي أن نذكر بكتاب خصص لهذا الغرض بعنوان: (العولمة ضد الأخلاق) (سيرج لاتوس) بالإضافة إلى كتابات عديدة تؤكد هذا المنحى الخطير …
ـ هيمنة ثقافة الاستهلاك.
ـ تحويل الثقافة إلى سلعة.
ـ توحيد العالم وبخاصة الشباب على "قيم" سلبية منمطة، تمثلا بالنموذج الأمريكي من خلال وجبة مظهرية واحدة (الهامبرغر – البتزا – دجاج كنتاكي – الكوكاكولا – الأغاني الراقصة والماجنة – مايكل جاكسون – مادونا – أفلام الإثارة والرعب وحرب النجوم: التيتانيك – كادزيلا).
ـ بروز مجموع من الظواهر والاتجاهات والمفاهيم الاستهلاكية (الكوكله – المقدنة – اللبرلة والأمركة)(16).
ـ تنامي نسبة الفقر في الدول الفقيرة حيث أصبح الفقر مركبا، في الوقت الذي تزداد الدول العظمى غنى. فقد تجاوز عدد الدول الفقيرة التي لا يتجاوز دخل الفرد فيها (400) دولار سنويا، حوالي (80) دولة من أصل (195) دولة في العالم(17).
=< الاستنتاج 5: نتج عن كل ذلك أننا أصبحنا أمام ثقافة (جديدة) استهلاكية بكل المقاييس إنها (ثقافة التصنيع) أو (الثقافة المصنعة) التي ابتلعت ذلك التنوع الثقافي.
إن مسحا سريعا لما يعرض على التلفزيون والفضائيات العربية أساسا يثبت أن الثقافة السائدة هي التي تعنى بالقيادات ونجوم السينما والرياضة والأغاني المثيرة وعارضات الأزياء والبرامج المطبوخة. فتراجع الفكر وتخلي المثقف عن دوره الريادي في الأدب والفن والفكر والسياسة وتراجعت أهمية النقد والشعر والرواية والمسرح أمام اكتساح ثقافة الاستهلاك المدعومة إعلاميا. فسادات مفاهيم الاغتراب، والتمزق والفردية والمادية.
لقد (تشيئت) القيم والثقافة وأصبحت سلعة تعرض في سوق العرض والطلب وليس أدل على ذلك من هذا التسويق السافر والموجه لما يسمى "بالإرهاب"، الذي جعل المثقفين والمفكرين الأمريكيين ينخرطون في ترسيخه والدفاع عن الإيديولوجية الأمريكية التي توجهه حسب مصالحها تحقيقا لما تسميه "العدالة المطلقة"، ولو تطلب الأمر إبادة شعوب بكاملها.
ولعمري إن ما تعيشه الأراضي الفلسطينية المحتلة اليوم من إبادة جماعية وتهجير لدليل واضح على الوجه الحقيقي للعولمة كما تسعى إليها الدول الإمبريالية والصهيونية ولبرهان آخر على تماهي السياسي بالاقتصادي والإعلامي والثقافي(18).

4 – من نتائج ثقافة الاستهلاك:
ما يسمى "عبدة الشيطان": إحدى مظاهر ثقافة العولمة والاستهلاك، برزت بشكل لافت في مصر سنة 1996، تضم مجموعة من الشباب المنتمين إلى طبقة غنية، من خريجي المدارس الأجنبية، لا يعلمون شيئا عن الإسلام رغم أنهم مسلمون، وقد امتدت هذه المجموعة إلى دول أخرى، ولم يسلم منها المغرب كذلك.
تجتمع هذه المجموعة على أفكار مشتركة أبرزها:
*تمجيد الذات القوية المتحررة من كل القيم والأخلاق السامية.
*اعتبار هذه القيم السامية: (المحبة – الخير – السلم…) سمات الضعفاء الخاضعين لقوانين المجتمع والدين والسياسة.
*البحث عن الاختلاف مهما تكن صورته ومضامينه.
*التمثل بالشيطان كرمز لكل ما هو ممتع وقوي وصادم.
*من مرجعياتهم الثقافية المعلنة: - كتاب (الشيطان) لمؤلفه ليفي مؤسس كنيسة "الشيطان" بسان فرانسيسكو.
*كتابات باسكال غوتيي وأساطير الديانات، بخاصة اليهودية والمسيحية.
*التصورات الداروينية الاجتماعية – والفلسفة النيتشوية.
ولمزيد من الإيضاح يأكتفي بنموذج يختزل تصورهم يقول أحدهم وهو: "حسام 21 سنة، طالب بشعبة اللغة الفرنسية: نحن لا نؤمن بالشيطان كإله بل كقيمة رمزية مظلومة. فهو يمثل عدم الامتثال. ولمعرفة ذلك يكفي الاطلاع على كتاب "الشيطان" لليفي. عبادة الشيطان ليست موضة بل هي موقف من العالم والسلطة والأخلاق السائدة. إنها رفض من نوع خاص ونحن عكس ما يظنه الكثيرون لسنا سذجا أو متوحشين. فالديانات السماوية الأخرى ظلت لـ2000 عام تلعب بعقول (المؤمنين) وظلت تزين لهم الحياة الأخرى الجميلة التي سيدركونها بعد الموت، في حين أنها تتحكم في التربية والسياسة والعدالة أي أنها تتحكم في المعرفة. في أمريكا أمثالنا يمارسون عقيدتهم بحرية. نحن هنا نمارس شعائرنا على الأنترنيت…، أصدقاؤنا كثيرون، نتواصل معهم باللغات الحية، لا نستطيع أن نقوم بشعائرنا لأننا نعرف الحدود القانونية التي صنعوها لنا"(19).
هذا مثال لثقافة الاستهلاك غني عن كل بيان، غير محتاج إلى برهان.
لكن قد يعترض البعض بالقول إن هذه صورة قاتمة للعولمة فما هي البدائل؟
أقول بداية إن هذه حقائق لا ينكرها إلا جاحد أو معاند. ونحن لا نهدف منها المبالغة أو التهويل أو نبذ الحداثة والتطور، بقدر ما نتوخى إعمال النظر، وعدم التستر على الحقائق، بغية توجيه وسائل العلم والإعلام إلى ما هو نتج وفعال في مجال كالثقافة التي هي مرآة الشعوب، خاصة أننا نعلم من جهة بأن الثقافة في كل مجتمع لا يمكن ولن نستطيع أن تنزوي وتنغلق، ومن جهة أخرى لا يمكن أن تهرب من تأثيرات العولمة، لكن ذلك لا يعني الخنوع والاستسلام التام لهذه العولمة (المتوحشة) التي تضرب أرقى وأعظم القيم الإنسانية.
نعم لا أحد يجادل في أن العلم في حد ذاته محايد، لا نستطيع أن نصفه بأنه خير أو شرفي ذاته، بل من خلال أسلوب توظيفه واستخدامه، حتى يكون نافعا، غير مدمر، إنسانيا غير متوحش كما الحال الآن. إلا أن بلوغ هذه الغاية ألا وهي النهوض بثقافتنا رهين بتهييئ شروط ضرورية، من أبرزها:
*الإرادة السياسية الواضحة.
*العمل المشترك في سائر المجالات.
*النظر إلى الثقافة كقاطرة أساسية وحاسمة نحو التنمية، وليس مجرد ترف فكري.
*اعتماد روح الابتكار والنقد معرفيا وثقافيا.
*الانفتاح الواعي والمتبصر غير المنبهر على الثقافات الإنسانية دون استلاب.
*تقديم الصورة الحقيقية للحضارة والإنسان والثقافة العربية أمام الثقافات الأخرى عبر الاستغلال المنتج لوسائل الإعلام والاتصال الحديثة.
*ولتكن الانطلاقة بالأدب العربي الذي حقق تراكما كميا ونوعيا في كثير من الأجناس، كي يكون قاطرتنا نحو العالمية في انتظار قيام شروط نهضة علمية عربية إسلامية شاملة.

I - المراجع العربية:
1– القرآن الكريم
2- ثقافة الأذن وثقافة العين، عبد السلام بنعبد العالي، ط1، دار توبقال، المغرب، 1994.
3- حوار التواصل، المهدي المنجرة، سلسلة شراع، المغرب، 1996.
4- الطبيعة والثقافة، محمد سبيلا، عبد السلام بنعبد العالي، دار توبقال، المغرب، 1991.
5- العالم ليس سلعة: في نقد العولمة، عبد الهادي بوطالب، منشورات الزمن، ط1، المغرب، 1999.
6- المعجم الفلسفي: مجمع اللغة العربية، القاهرة، 1979.
7- المعجم النقدي لعلم الاجتماع، بودون، بوريكو، ترجمة سليم حداد، بيروت، 1986.
8- المعجم الوجيز، مجمع اللغة العربية، القاهرة، 1997.
9- المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية، القاهرة، 1972.
10- المفاهيم والألفاظ في الفلسفة الحديثة، يوسف الصديق، ط2، الدار العربية للكتاب، تونس، 1980.
11- مقدمة في الأنتروبولوجيا العامة، كلايد كلاكهون، هاري هوجير، القاهرة، 1976.
II – المجلات:
1- الثقافة العالمية، عدد 91، ديسمبر، 1998.
2- فكر ونقد، عدد 6، 1998.
3- فكر ونقد، عدد 11، سبتمبر، 1998.
4- فكر ونقد، عدد 45، يناير، 2002.
5- عالم الفكر، عدد 2، أكتوبر – ديسمبر، 1999.

III – المراجع الغربية:
Entretien avec Charbonnier, C.L Strauss, Collection 10-18, Paris, 1981.
Anthropologie, Sapir, Ed. Minuit, Paris, 1967.
Anthropologie Structurale, C.L. Strauss, Paris Plan, 1964.
Globalisation, Roland Robertson, London – Sage, 1992.
Globalisation, Malcom water, Routhedge, London, 1995.
La mondialisation, Alain Nonjon, Ed. SEDES, Paris, 1999.
La pensée sauvage, C.L Strauss, Paris – Plan, 1962.

[1] - الطبيعة والثقافة، محمد سبيلا – عبد السلام بنعبد العالي، ص13. وانظر أيضا: التعريف الذي اعتمدته المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم باعتبار أن الثقافة هي ذلك المركب الذي "ينظم جماع السمات المميزة لأمة من مادية وروحية وفكرية وفنية ووجدانية، وتشمل مجموعة المعارف والقيم والالتزامات الأخلاقية المستقرة فيها وطرائق التفكير والإبداع الجمالي والفني والمعرفي والتقني وسبل السلوك والتصرف والتعبير، وطراز الحياة. كما تشمل أخيرا تطلعات الإنسان للمثل العليا، ومحاولته إعادة النظر في منجزاته، والبحث الدائم عن مدلولات جديدة لحياته وقيمه ومستقبله، وإبداع كل ما يتفوق به على ذاته". ويلاحظ أن هذا تعريف موسوعي يقترب من تعريف الأنتروبولوجيين الذي نميل إليه. عالم الفكر، عدد 2، أكتوبر-ديسمبر، 1999، ص229. وكذا: المعجم الوسيط، 1/98. المعجم الفلسفي، ص58.
[2] - فكر ونقد، عدد 2، ص5-6، 1998. وانظر: المعجم النقدي لعلم الاجتماع، بودون وبوريكو، ترجمة سامي حداد، 1986.
[3] - مقدمة في الأنتروبولوجيا العامة، كلايد كلاكهون، هاري هويجر، ص137-139.
[4] - لزيد من الإيضاح انظر: المعجم النقدي لعلم الاجتماع، بودون وبوريكو، 1986.
Anthropologie, Sapir, 1967.
Entretien avec Charbonnier, Cl. Strauss, Collection, 10-18, p182-184.
[5] - المعجم النقدي لعلم الاجتماع، ص228. المعجم الفلسفي، 1979، والمعجم الوسيط، 1/98، 1972.
[6] - ثقافة الأذن وثقافة العين، ص55.
[7] - انظر المعجم الوجيز، ص242-654. والمفاهيم والألفاظ في الفلسفة الحديثة، يوسف الصديق، ص115.
[8] - Globalisation, M. Malcom water, 1995.
[9] - Globalisation, Roland Robertson, 1992.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://3alamalma3rifa.yoo7.com
 
الثقافة في زمن العولمة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  فخ العولمة
» العولمة و السياسات الاقتصادية.
» بحث العولمة والعولمة الاقتصادية.
» داء فقر الثقافة ومضاعفاته
»  نظرية الثقافة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات :: الفئة الأولى :: المنتديات العامة :: المواضيع الـتربـــوية الـعــــامة-
انتقل الى: